تحويل القبلةإلي الكعبة المشرفة
كان تحويل القبلة أول نسخ وقع في الإسلام كما يذكر ابن كثير في البداية والنهاية، وكان الله سبحانه وتعالى قد أقر جواز النسخ قبل ذلك في قوله: "مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".إن مسجد القبلتين، مسجد ذو مكانة في ذاكرة المسلمين على مستوى العالم، وله مكانته عند المهتمين بالتاريخ الإسلامي وكل من يزور المدينة المنورة، حيث صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وشهد تحوّل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، إضافة إلى أنه مثبت في السنة من خلال الأحاديث النبوية، ومسجل في ذاكرة التاريخ الإسلامي باعتباره أحد أهم وأبرز المعالم التاريخية ومن أعظم الآثار النبوية في المدينة المنورة بعد المسجد النبوي ومسجد قباء. وتأتي تسميته بالقبلتين لما ورد أن النبي الكريم قد صلى باتجاه قبلة بيت المقدس فترة من الزمن بعد قدومه المدينة كما جاء في صحيح مسلم وصحيح ابن خزيمة: سِتَّة عَشَرَ شَهْرًا، ثم أمر بتحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة، وكان ذلك في شعبان، وقيل في رجب من العام الثاني من الهجرة.
ويعد مسجد القبلتين من المساجد التي صلى فيها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ويقال له مسجد بني سلمة، وتذكر مصادر أن بني سواد بن غنم بن كعب من قبيلة بني سلمة الخزرجيين هم الذين أقاموه على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقد أعاد بناءه فيما بعد والي المدينة المنـورة عمر بن عبد العزيز وفي عام (87هـ - 706م)، وجدده الشجاعي شاهين الجمالي في عام 893هـ، وفي عهد السلطـان العثماني سليمان القانوني أصلحت عمارة المسجد عام (950هـ - 1943م) وكان بناؤه قديمًا مكونا من مواد البناء آنذاك وهي اللبن والسعف وجذوع النخل.
ويقول الدكتور عبد الرحمن الحجيلي أستاذ التاريخ والباحث بتاريخ المدينة المنورة، عن المسجد وأهميته «مسجد القبلتين من أقدم المساجد بالمدينة، بُني منذ هجرة النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما زار إحدى قبائل الأنصار».
وأضاف: «وشهد المسجد حدثًا إسلاميًا تاريخيًا بتحوّل القبلة من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام، مؤكدا أنه من المساجد التي وجدت العناية والاهتمام، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه، وكان الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنه يتحرى المساجد التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم ومنها مسجد القبلتين، كما أن بناءه قديم شيد في القرن الأول من الهجرة وجدد بناءه الخليفة عمر بن عبد العزيز عندما كان أميرا للمدينة المنورة».
وفيما روي عن البخاري عن البراء بن عازب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إِلى الكعبة، فأنزل الله عز وجل: (قد نرى تقلب وجهك في السماء) فتوجه نحو الكعبة.
وروى ابن النجار عن عثمان بن محمد قال: زار رسول الله – صلى الله عليه وسلم – امرأة من بني سلمة يقال لها: أم بشير في بني سلمة فصنعت له طعامًا فجاء الظهر فصلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بأصحابه في مسجد القبلتين الظهر فلما صلى ركعتين أمر أن يتوجه إِلى الكعبة، فاستدار رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ففيه نزل الوحي عليه – الله عليه وسلم – بالتحول إلى قبلة الكعبة المشرفة بعد أن كانت القبلة هي بيت المقدس، كان ذلك يوم 15 شعبان من العام الثاني للهجرة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عند صلاة الظهر. نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وبعد أن أتم ركعتين نزل عليه الوحي بالتحول إلى الكعبة المشرفة في قوله تعالى: (قد نرى تقلب وجهك فيق السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) سورة البقرة آية رقم (144)، فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين، وكانت يومئذ أربع ركعات منها ثنتان إِلى بيت المقدس وثنتان إِلى الكعبة، ومنذ ذلك الحين عرف المسجد باسم (مسجد القبلتين) لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فيه شطر صلاته قبل المسجد الأقصى والشطر الآخر قبل المسجد الحرام.
ويقع مسجد القبلتين في الجهة الغربية من المدينة في منطقة بني سلمة، وتحديدًا في هضبة (حرة الوبرة).
والله تعالى أعلى وأعلم ،نسـأل الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علماً .